بداية المشوار

ابتدأ العمل في برنامج صعوبات التعلم، وتم تأسيس مركز مصادر التعلم في المدرسة سنة 1424- 1425 هـ، في بداية الفصل الدراسي الثاني، وبإصرار شديد من قبل ممثل أصحاب المدارس سعادة الحاج علي كالو ومتابعة حثيثة من الخبير التربوي د. عارف ذوق، وكلا من المدير العام السابق الأستاذ عبد الرحمن الكغيل، والمدير الحالي الأستاذ بندر المقبل. وأخذ البرنامج يسير بنجاح منقطع النظير، بتعاون الهيئة التدريسية والإدارية كافة، وبوجود مختصين في هذا المجال، وتمت عملية التوعية بخطوات واسعة شملت المعلمين وأولياء الأمور والطلبة على حد سواء، وتم تزويد المركز بالأثاث اللازم، وبالمواصفات العالمية، مع الاهتمام بالجزئيات الدقيقة وتأثيرها على البعدين النفسي والتربوي للطالب، ومتابعة هذا التأثير على أرض الواقع بدراسة علمية موضوعية، فكان برنامجًا بمستوى الطموح نظريا وتطبيقيا، وتوالت الزيارات الخارجية من البيئة المحيطة للمركز بقصد الاطلاع على هذه التجربة الرائدة، وتبادل الخبرات. ومما زاد المركز أهمية على الصعيد الخارجي، ما قامت به المدرسة من مؤتمرات سابقة في مجال صعوبات التعلم وابتعاث عدد من المعلمين في دورات للخارج.

تعريف صعوبات التعلم

من المتعارف عليه علميًا في مجال تطبيق النظريات، أنه من الضروري الالمام بالجانب النظري المامًا تامًا قبل المباشرة بتنفيذ النظرية على أرض الواقع، وهذا ما قامت به إدارة مدارس نجد بالفعل، فقد سعت جاهدة على الإحاطة بالجانب النظري من خلال عقد المؤتمرات والبحث عن متخصصين في مجال صعوبات التعلم، ومن نافلة القول :أنه كان للمدارس قصب السبق في عقد أول مؤتمر يناقش ظاهرة صعوبات التعلم على صعيد المملكة العربية السعودية ضم نخبة من المتخصصين من كافة أرجاء الوطن العربي، وانطلقت من خلاله شعلة المنافسة في كافة الأوساط التربوية في المملكة من جامعات وكليات ومدارس ومهتمين في هذا المجال. لا غرو في أن تكون مدارس نجد هي صاحبة الفضل، وصاحبة التميز في هذا المجال الحيوي المتجدد، وأن يكون لها المساهمة الكبيرة في سد الفراغ في هذا البناء التربوي الهام، وعودة على بدء، لابد من الاستعانة بالجانب النظري لتعريف مصطلح صعوبات التعلم، وقبل البدء بالتعريف لابد من العلم بان لهذه الظاهرة عدة تعريفات نشأت جميعها من طبيعة عمل الجهة التي تبنت التعريف، فهناك وجهة النظر الطبية، والعصبية، والتربوية. وتجتهد وجهات النظر هذه في تفسير الصعوبة التعلمية، حيث أن معظم التعريفات تركز على الناحية النفسية، أو اللغوية، أو العصبية، أو السلوكية في محاولتها لتفسير الصعوبة التعلمية، ونصل إلى حقيقة وجود عدد من النقاط المشتركة بين معظم التفسيرات المعطاة للعمليات النفسية وهي:

أولا :إن المتعلم يجب أن يكون قادرًا على استقبال ودمج وعمل شيء ما بالمعلومات الداخلة الى دماغه من خلال الحواس المختلفة التي تعد قنوات للتعلم.
ثانيا :تعتبر جميع الحواس ( كالبصر والسمع وللمس ) عوامل مهمة في التعلم، سواء على صعيد كل على حدة أو مجتمعة معا.
ثالثا :العمليات النفسية متداخلة ومستمرة وليست وظائف متناثرة.

أما المنظور السلوكي فقد أكد على وصف الصعوبات التعلمية بعبارات قابلة للقياس والملاحظة، فبدلا من تحليل التلميذ، يجب تحليل المهمة الفاشلة ؛لتحديد أي من أنواع التعلم هو الأنسب للتعليم إذا توافرت الظروف الصحية لذلك. وينص التعريف على ما يلي :

إن الأطفال ذوي الصعوبات التعلمية، هم أولئك الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في واحدة أو أكثر من العمليات السيكولوجية الأساسية المتضمنة فهم واستخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة، وهذه الاضطرابات قد تتضح في ضعف القدرة على الاستماع، أو التفكير، أو التكلم، أو القراءة أو التهجئة، أو الحساب، وهذا الاضطراب يشمل حالة مثل الإعاقات الإدراكية، والتلف الدماغي البسيط والخلل الدماغي البسيط وعسر الكلام والحبسة الكلامية النمائية، وهذا المصطلح لا يشمل الأطفال الذين يواجهون مشكلات تعليمية ترجع أساسا إلى الإعاقات البصرية أو السمعية، أو الحركية، أو التخلف العقلي، أو الاضطراب الانفعالي، أو الحرمان البيئي أو الاقتصادي أو الثقافي( الوقفي،1998)

أنواع الصعوبات التي قام المركز بعلاجها:

  1. صعوبات القراءة.
  2. صعوبات الكتابة.
  3. صعوبات التهجئة ( الإملاء).
  4. إضرابات الذاكرة.
  5. الاضطرابات النطقية.
  6. بطء استيعاب.
  7. الحركة الزائدة ونقص الانتباه ( علاج سلوكي).

كما يقوم المركز بتقديم المشورة للمجتمع المحلي بشكل دائم.

كيفية التحاق الطالب بغرفة مصادر التعلم :

يتم تحويل الطالب إلى مركز صعوبات التعلم في المدرسة بثلاثة طرق

  1. عن طريق ملاحظة معلم الفصل.
  2. عن طريق ملاحظة ولي الأمر.
  3. عن طريق فريق عمل المركز (المعلم المصدري).
  4. عن طريق الطالب نفسه.

وتسمى هذه الخطوات حزمة الكشف الأولية.

وتشمل قائمة معدة مسبقا لهذا الغرض، تضم المظاهر الأساسية العامة لصعوبات التعلم. يقوم المعلم بوضع إشارة على الخصائص التي تظهر على الطالب.
آلية التعامل مع الطالب الذي يعاني من صعوبات التعلم:

بعد أن تتم عملية ترشيح الطالب للانضمام لمركز الصعوبات في المدرسة، وبعد أخذ موافقة ولي الأمر لإخضاع الطالب للاختبارات الأكاديمية والإدراكية (وهذه الخطوة تسمى بالناحية القانونية) وبدون أخذ الموافقة لا يمكن تطبيق أي اختبار على الطالب أو إلحاقه ببرنامج صعوبات التعلم، حتى وإن كانت مظاهر صعوبات التعلم تظهر جليًا على الطفل. وفي هذه الحال تتم محاولة اقناع ولي الأمر بشتى الوسائل المتاحة، بعد ذلك يبدأ العمل بحزمة الكشف الاساسية. وتشمل:

  • أساليب التقييم المقنن (الاختبارات المقننة)
    1. مقياس وكسل (إن توفر)
    2. اختبار مهارات التحليل السمعي.
    3. اختبار الذاكرة السمعية التتابعية.
    4. اختبار التمييز السمعي.
    5. اختبار سعة الذاكرة السمعية.
    6. اختبار التكامل البصري الحركي.
    7. اختبار التداعي البصري الحركي.
  • الاختبارات غير المقننة (الأكاديمية)
    1. مقياس تشخيص المهارات الأساسية في اللغة العربية والرياضيات
    2. أسلوب إعادة السرد.
    3. اختبار الإغلاق.
    4. تحليل عينات من أعمال الطالب.
    5. تحليل أخطاء القراءة.

خصائص برنامج صعوبات التعلم:

إ ن مثل هذه البرامج لها طابع خاص جدًا إذا طبقت ضمن البرامج التربوية المدرسية، وقد تلاقي حساسية مفرطة من البعض، لذا حرصت إدارة المدرسة على دراسة كافة العقبات التي يمكن أن تمثل حجر عثرة في طريق تطبيق البرنامج، فوضعت كافة الحلول المناسبة مسبقا، ونجح التخطيط لذلك نجاحا مبهرًا، حيث استقطب المركز أولياء الأمور وحاز على رضاهم، وتوالات خطابات الشكر لإدارة المدرسة على تنفيذ هذه الخطوة الجريئة، كما راعى المركز البعد النفسي للطلبة وكسب ميولهم بفترة زمنية قياسية، من خلال استخدام الاستراتيجيات التعليمية المناسبة لميول و نماذج الطلبة الملتحقين بالبرنامج، ومراعاة البعد النفسي لهذه الفئة من الطلاب التي تعاني من انخفاض لتقدير الذات، والاحباط المستمر وعدم المقدرة على مجاراة زملائهم، والاتهام الدائم بالتقصير.

تعتمد هذه البرامج على:

  1. رفع تقدير الذات لدى الطالب، ومد جسور الثقة والصداقة بينه وبين فريق عمل المركز.
  2. تفريد التعليم، يتبع المركز في كثير من الحالات هذه الاستراتيجية لفائدتها التربوية الكبيرة وبخاصة مع هذه الفئة، مع الأخذ بعين الاعتبار المحاذير المترتبة على هذه الاستراتيجية، من ضمنها:تعلق الطالب بالمعلم المصدري، وإظهار الأعذار واستغلال المناسبات للذهاب إلى مركز التعليم لمساند في غير الوقت المخصص له.
  3. استخدام الألعاب التربوية الجذابة التي تنمي التفكير، والمختارة بعناية.
  4. استخدام الوسائل و الأساليب والطرق، المناسبة لكل حالة على حده ؛ لتقريب المفاهيم والمصطلحات …والانتقال من المحسوس إلى شبه المحسوس ومن ثم المجرد.
  5. اتباع برنامج يومي منظم، لسحب الطالب من فصله مدة زمنية مجددة، حسب ما تستدعيه حالته - لا تكون أكثر من حصتين أسبوعيا-.
  6. تحليل المهمة التعليمية (تجزئة المادة التعليمية) وذلك لتسهيل التعامل معها والوقوف على الأجزاء الغامضة فيها بالنسبة للطالب.
  7. مراجعة الخطة الفردية بشكل مستمر، ووضع التغذية الراجعة واعطائها المرونة الكافية.
  8. التعزيز، بشقيه المادي والمعنوي, داخل المركز، أو غرفة الصف أوفي المنزل، ويجب أن يكون برنامج التعزيز مترابط ومنظم، ومتفق عليه مسبقًا، وضمن المنظور التربوي الصحيح.
  9. يجب أن تكون المتابعة الصفية للطالب الذي يعاني من صعوبات التعلم متابعة مستمرة وشبه يومية، مع الحرص على عدم المبالغة في تعزيزه أمام طلاب فصله لعدة أسباب لا تخفى على أحد. الحرص على إيجاد أصدقاء يتوالف معهم الطالب سواء من فصلها أو من فصول أخرى، والأفضل في هذه الحال أن تكون بينهم خصائص مشتركة؛ لاستغلال ذلك في المنافسة الشريفة فيما بينهم.
  10. التواصل المستمر مع أولياء الأمور، والعمل على تعارفهم، للاستفادة من خبرات بعضهم البعض،
  11. السرية التامة في التعامل مع ملف الطالب، وعدم عرض الملف إلا لولي الأمر أو لجنة صعوبات التعلم في المدرسة.
  12. متابعة الطالب حتى في حال تجاوزه للصعوبة، وتعزيزه معنويا وماديا و في المناسبات الخاصة بالمركز. لأن تعليم هذه الفئة من الطلبة يمر ضمن ثلاثة محاور مهمة وهي:التعليم، تمكين التعليم، صيانة التعليم.


ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار تفاوت الصعوبة التعلمية من طالب إلى آخر، فالصعوبات التعلمية تنقسم إلى ثلاث أشكال، وهي:

  1. صعوبة تعلمية بسيطة، ويمكن معالجتها من خلال فصل دراسي واحد على الأغلب
  2. صعوبة تعلمية متوسطة، تحتاج الى فصلين دراسيين في أغلب الأحيان
  3. صعوبة تعلمية شديدة، قد تتعدى الثلاث فصول دراسية، ولا بد من متابعتها لاحقا، وصيانة التعلم لديها باستمرار. ويتفاوت العلاج بتفاوت التزام الطالب، وتكاتف الجهود بين الأسرة والمدرسة.


العلاقة مع أولياء الأمور:

من أهم واجبات المدرسة في هذا المجال هو التواصل مع الأهل بشكل مستمر، ضمن لقاءات دورية، جماعية وفردية، لاطلاعهم على مسيرة الطالب ومدى تقدمه، وفي الوقت نفسه إرشادهم إلى كيفية التعامل معه في كل المراحل والظروف التي يمر بها، ورفع معنوياتهم وتوجيههم لأهمية دورهم في حياة الطفل؛ للتغلب على المشكلات النفسية لدى الطرفين. ولقد لمسنا من خلال تجربتنا هذه تعاونا فاق حد التوقعات، من خلال لقاءات أولياء الأمور، أو عبر الاتصال بالهاتف، ولم تتوان إدارة المدرسة من تزويد أولياء الأمور بالنشرات التثقيفية والاستعداد للإجابة عن كل الاستفسارات والأسئلة وتقديم المشورة في كثير من الأحيان. ولقد لاقى هذا البرنامج ترحيبا كبيرًا من أولياء الأمور، استدعى كثيرًا منهم لعرض خدماته والتكفل بكل مستلزمات المركز الفنية والتربوية... وكعادة مدارس نجد دومًا لاتدع مجالا لأحد لسبقها إلى تقديم كل ما من شانه رفد المسيرة التربوية بكل ما أوتيت من قوة، واضعة لإمكانياته لتحقيق أهدافها، ولا أدل على تقبل الأهالي لهذا البرنامج ورضاهم عنه من خطابات الشكر المتوالية لما لمسوه من تحسن على مستوى أبنائهم.

ومن ثم يتم التعامل مع الطالب ذي الصعوبة التعلمية من خلال سحبه من فصله خلال الدوام المدرسي لحصة أو حصتين أسبوعيا، يتم التركي خلالها على المهارات التي يعاني من ضعف فيها ( لغة عربية رياضيات ) ضمن خطة تربوية فردية، تشمل نقاط القوة و نقاط الضعف، واستخدام الاستراتيجيات النفسية والتربوية المناسبة لنموذج الطالب وميوله، دون تعديل للمنهاج المدرسي، ولكن نعمل على تبسيطها قدر المستطاع باستخدام الوسائل والطرق والأساليب المناسبة لكل حالة على حده، و يتم في بداية العام الراسي، حصر أعداد الطلاب ضعيفي التحصيل، والطلبة الذين لم يتجاوزوا الصعوبة التعلمية بعد، وتوزيع قائمة على مدرسي اللغة العربية والرياضيات تحتوي على المظاهر العامة لصعوبات التعلم، ويعطى المدرس فرصة لمدة اسبوعين للتعرف على الطلاب الذين تنطبق عليهم هذه الصفات ويقوم مشرف المركز بإرسال خطاب الموافقة لولي الأمر، ومن ثم إجراء الاختبارات اللازمة لفرز الطلاب حسب نتائج الاختبارات ضمن ثلاثة قوائم :

  1. صعوبات تعلمية.
  2. مشكلات تعلمية.
  3. بطء تعلم.

يتم معالجة فئة صعوبات التعلم، وفئة بطء التعلم (الحالات البسيطة والمتوسطة). أما فئة المشكلات التعلمية فيمكن لمعلم الفصل معالجتها بقليل من الجهد، ضمن مبدأ الفروق الفردية، وفي حال كانت نتيجة الاختبارات ايجابية أي أن الطالب بحاجة لخدمات مركز صعوبات التعلم يقوم المشرف على المركز، بإعداد خطة تربوية فردية على ضوء نتائج الاختبارات وعينات من أعمال الطالب، ويخصص للطالب وقتًا خاصًا له للعلاج في المركز وركنًا للاحتفاظ بأعماله، ويجب أن يكون معلم الفصل على اطلاع تام بمجريات الأمور، كما ويجب أن يكون مدركًا تمامًا بان العلاج داخل المركز ليس بديلا عن التعليم داخل الغرفة الصفية وأي نجاح يحققه الطالب هو جهد مشترك، وما العلاج في مركز التعليم المساتد إلا خدمة مساندة للجهود التي يبذلها المعلم ولتكتمل دائرة تجاوز الصعوبة التعلمية لدى الطالب إلا ضمن ثلاثة محاور ولا يضمن النجاح إلا بتوفرها مجتمعة يشكل التعاون الرئيس بينها.

  1. معلم الفصل
  2. ولي الأمر
  3. فريق عمل مركز التعليم المساند

وعود على بدء فقد قامت المدارس برفع عدد الكادر العلاجي في المركز وارتأت في الوقت نفسه إضافة لمسة تربوية أخرى على مسمى المركز ليتماشى هذا المفهوم مع طبيعة المجتمع الذي يشكل أغلبية الطلاب في المدرسة، ليصبح المسمى الجديد :مركز التعليم المساند.

وبما أن هذا المركز جزء من الهرم التربوي للملكة العربية السعودية، فهو على اتصال دائم مع الوزارة ويستأنس بقراراتها وتعليماتها الواردة في هذا المجال، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تم مؤخرا تزويد القسم بالقواعد التنظيمية لبرامج صعوبات التعلم، والتي تتضمن المادة الواحدة والتسعين التي تنص على تفصيل لأدوات وأساليب التقويم الخاصة بطلبة صعوبات التعلم، وكيفية تقويمهم، وتوفير الجو الآمن المناسب لهم أثناء تأدية الاختبارات، وتم تعميمها على الأقسام كافة.

وأخيرًا وليس أخرًا، أزجى أطيب الامنيات لكل من ساهم ويساهم من أجل انجاح هذا الصرح التعليمي المميز.